عذرا حبيبي

في كل عام كنت أحمل زهرة

مشتاقة تهفو إليك..

في كل عام كنت أقطف بعض أيامي

وأنثرها عبيرا في يديك

في كل عام كانت الأحلام بستانا

يزين مقلتي.. ومقلتيك

في كل عام كنت ترحل يا حبيبي في دمي

وتدور ثم تدور.. ثم تعود في قلبي لتسكن شاطئيك

لكن أزهار الشتاء بخيلة

بخلت على قلبي.. كما بخلت عليك

عذرا حبيبي

إن أتيت بدون أزهاري

لألقي بعض أحزاني لديك

لو أستطيع حبيبتي..

لو أستطيع حبيبتي..

لنثرت شيئا من عبيرك

بين أنياب الزمان

فلعله يوما يفيق ويمنح الناس الأمان

لو أستطيع حبيبتي

لجعلت من عينيك صبحا

في غدير من حنان

ونسجت أفراح الحياة حديقة

لا يدرك الإنسان شطآنا.. لها

وجعلت أصنام الوجود معابدا

ينساب شوق الناس.. إيمانا بها

لو أستطيع حبيبتي

لنثرت بسمتك التي

يوما غفرت بها الخطايا.. والجراح

وجمعت كل الناس حول ضيائها

كي يدركوا معنى الصباح

لو أستطيع حبيبتي

لغرست من أغصان شعرك واحة

وجعلتها بيتا تحج لها الجموع

وجعلت ليل الأرض نبعا من شموع

ومحوت عن وجه المنى شبح الدموع

* * *

فغدا سنهزم

في جوانحنا

المخاوف.. والظنون

ونعود بالأمل الحنون..

فالحلم رغم اليأس يسبح في العيون

ما زال يسبح في العيون

ما زلت أحلم

يا رفيقة حزن أيامي وما زال الجنون

فالحلم في زمن الظلام مخاوف

وضياع أيام وشيء من جنون

لكنني ما زلت رغم الخوف

رغم اليأس رغم الحزن

أعرف من نكون..

هيا لنحلم بين أعشاب السكون

فغدا سنصبح للربيع حديقة

ويصيح صمت الأرض.. فليحيا الجنون

أنت الحياة..

وقد يسألونك يوما.. عليا

وهل كان حبك

شيئا لديا..

فقولي بأنك أنت الحياة

وأنك صبح رعى مقلتيا

وقد عشت قبلك عمرا طويلا

فلا تحسبي الأمس عمرا.. عليا

أنا.. وعيناك

هيا معي لنصافح الأيام نغفر للقدر

ونعانق العمر الجديد وأنت لي.. كل العمر

قد صرت في دنياي أجمل زهرة

ولقد قضيت العمر.. أهفو للزهر

حتى رأيتك في خريف العمر عطرا ساحرا

يختال في قلبي.. حبات المطر

وعلى ظلال الحب تحملني المنى

فأكاد يا دنياي أشعر بالخطر

* * *

قلبي يصيح مع اللقاء تمهلي

وأنا أخاف عليه بين يديك

فأضم أيامي إليك مع المنى

والقلب يخفق بالحنين إليك

آه من الزمن الذي قد خانني

قد ضاع من عمري.. بلا عينيك

* * *

لا تسأليني عن حياتي قبل أن ألقاك

إني بدأت العمر منذ لقاك

قد كان عمري في الحياة ضلالة

ورأيت كل النور بعض ضياك

لو كان عمري في الحياة خميلة

ما كنت أمنح ظلها لسواك

لو ظل شعري في الوجود بعطره

فالشعر يا دنياي بعض شذاك

إني تعبت من المسير و لا أرى

في القلب شيئا.. غير أن يهواك

و يبقى الحب

أترى أجبت على الحقائب عندما سألت:

لماذا ترحلين؟

أوراقك الحيرى تذوب من الحنين

لو كنت قد فتشت فيها لحظة

لوجدت قلبي تائه النبضات في درب السنين..

و أخذت أيامي و عطر العمر.. كيف تسافرين؟

المقعد الخالي يعاتبنا على هذا الجحود..

ما زال صوت بكائه في القلب

حين ترنح المسكين يسألني ترانا.. هل نعود!

في درجك الحيران نامت بالهموم.. قصائدي

كانت تئن وحيدة مثل الخيال الشارد

لم تهجرين قصائدي؟!

قد علمتني أننا بالحب نبني كل شيء.. خالد

قد علمتني أن حبك كان مكتوبا كساعة مولدي..

فجعلت حبك عمر أمسى حلم يومي.. وغدي

إني عبدتك في رحاب قصائدي

و الآن جئت تحطمين.. معابدي؟!

وزجاجة العطر التي قد حطمتها.. راحتاك

كم كانت تحدق في اشتياق كلما كانت.. تراك

كم عانقت أنفاسك الحيرى فأسكرها.. شذاك

كم مزقتها دمعة.. نامت عليها.. مقلتاك

واليوم يغتال التراب دماءها

و يموت عطر كان كل مناك!!

* * *

والحجرة الصغرى.. لماذا أنكرت يوما خطانا

شربت كؤوس الحب منا وارتوى فيها.. صبانا

والآن تحترق الأماني في رباها..

الحجرة الصغرى يعذبني.. بكاها

في الليل تسأل مالذي صنعت بنا يوما

لتبلغ.. منتهاها؟

* * *

الراحلون على السفينة يجمعون ظلالهم

فيتوه كل الناس في نظراتي..

و البحر يبكي كلما عبرت بنا

نسمات شوق حائر الزفرات

يا نورس الشط البعيد أحبتي

تركوا حياة.. لم تكن كحياتي

سلكوا طريق الهجر بين جوانحي

حفروا الطريق.. على مشارف ذاتي

* * *

يا قلبها..

يا من عرفت الحب يوما عندها

يا من حملت الشوق نبضا

في حنايا.. صدرها

إني سكنتك ذات يوم

كنت بيتي.. كان قلبي بيتها

كل الذي في البيت أنكرني

و صار العمر كهفا.. بعدها

لو كنت أعرف كيف أنسى حبها؟

لو كنت أعرف كيف أطفئ نارها..

قلبي يحدثني يقول بأنها

يوما.. سترجع بيتها؟!

أترى سترجع بيتها؟

ماذا أقول.. لعلني.. و لعلها

حبيبتي .. تغيرنا

تغير كل ما فينا..تغيرنا

تغير لون بشرتنا ...

تساقط زهر روضتنا

تهاوى سحر ماضينا

تغير كل ما فينا...تغيرنا

زمان كان يسعدنا ...نراه الآن يشقينا

وحب عاش في دمنا ...تسرب بين أيدينا

وشوق كان يحملنا ...فتسكرت أمانينا

ولحن كان يبعثنا ...إذا ماتت أغانينا تغيرنا

تغيرنا ....تغير كل ما فينا

*************

وأعجب من حكايتنا ...تكسر نبضها فينا

كهوف الصمت تجمعنا ...دروب الخوف تلقينا

وصرتِ حبيبتي طيفا لشيئ كان في صدري

قضينا العمر يفرحنا ....وعشنا العمر يبكينا

غدونا بعده موتى ..فمن يا قلب يحيينا ؟؟

لأني أحب

تعالي أحبك قبل الرحيل فما عاد في العمر إلا القليل
أتينا الحياة بحلمٍ بريءٍ فعربد فينا زمانٌ بخيل
*** ***
حلمنا بأرضٍ تلم الحيارى وتأوي الطيور وتسقي النخيل
رأينا الربيع بقايا رمادٍ ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل
حلمنا بنهرٍ عشقناهُ خمراً رأيناه يوماً دماءً تسيل
فإن أجدب العمرُ في راحتيَّ فحبك عندي ظلالٌ ونيل
وما زلتِ كالسيف في كبريائي يكبلُ حلمي عرينٌ ذليل
وما زلت أعرف أين الأماني وإن كان دربُ الأماني طويل
*** ***
تعالي ففي العمرِ حلمٌ عنيدٌ فما زلتُ أحلمُ بالمستحيل
تعالي فما زالَ في الصبحِ ضوءٌ وفي الليل يضحكٌ بدرٌ جميل
أحُبك والعمرُ حلمٌ نقيٌّ أحبك واليأسُ قيدُ ثقيل
وتبقين وحدكِ صبحاً بعيني إذا تاه دربي فأنتِ الدليل
*** ***
إذا كنتُ قد عشتُ حلمي ضياعاً وبعثرتُ كالضوءِ عمري القليل
فإني خُلقتُ بحلم كبير وهل بالدموع سنروي الغليل ؟
وماذا تبقّى على مقلتينا ؟ شحوبُ الليالي وضوء هزيل
تعالي لنوقد في الليل ناراً ونصرخ في الصمتِ في المستحيل
تعالي لننسج حلماً جديداً نسميه للناس حلم الرحي

عيناك أرض لا تخون

ومضيتُ أبحثُ عن عيونِكِ

خلفَ قضبان الحياهْ

وتعربدُ الأحزان في صدري

ضياعاً لستُ أعرفُ منتهاه

وتذوبُ في ليل العواصفِ مهجتي

ويظل ما عندي

سجيناً في الشفاه

والأرضُ تخنقُ صوتَ أقدامي

فيصرخُ جُرحُها تحت الرمالْ

وجدائل الأحلام تزحف

خلف موج الليل

بحاراً تصارعه الجبال

والشوق لؤلؤةٌ تعانق صمتَ أيامي

ويسقط ضوؤها

خلف الظلالْ

عيناك بحر النورِ

يحملني إلى

زمنٍ نقي القلبِ ..

مجنون الخيال

عيناك إبحارٌ

وعودةُ غائبٍ

عيناك توبةُ عابدٍ

وقفتْ تصارعُ وحدها

شبح الضلال

مازال في قلبي سؤالْ ..

كيف انتهتْ أحلامنا ؟

مازلتُ أبحثُ عن عيونك

علَّني ألقاك فيها بالجواب

مازلتُ رغم اليأسِ

أعرفها وتعرفني

ونحمل في جوانحنا عتابْ

لو خانت الدنيا

وخان الناسُ

وابتعد الصحابْ

عيناك أرضٌ لا تخونْ

عيناك إيمانٌ وشكٌ حائرٌ

عيناك نهر من جنونْ

عيناك أزمانٌ وعمرٌ

ليسَ مثل الناسِ

شيئاً من سرابْ

عيناك آلهةٌ وعشاقٌ

وصبرٌ واغتراب

عيناك بيتي

عندما ضاقت بنا الدنيا

وضاق بنا العذاب

***

ما زلتُ أبحثُ عن عيونك

بيننا أملٌ وليدْ

أنا شاطئٌ

ألقتْ عليه جراحها

أنا زورقُ الحلم البعيدْ

أنا ليلةٌ

حار الزمانُ بسحرها

عمرُ الحياة يقاسُ

بالزمن السعيدْ

ولتسألي عينيك

أين بريقها ؟

ستقول في ألمٍ توارى

صار شيئاً من جليدْ ..

وأظلُ أبحثُ عن عيونك

خلف قضبان الحياهْ

ويظل في قلبي سؤالٌ حائرٌ

إن ثار في غضبٍ

تحاصرهُ الشفاهْ

كيف انتهت أحلامنا ؟

قد تخنق الأقدار يوماً حبنا

وتفرق الأيام قهراً شملنا

أو تعزف الأحزان لحناً

من بقايا ... جرحنا

ويمر عامٌ .. ربما عامان

أزمان تسدُ طريقنا

ويظل في عينيك

موطننا القديمْ

نلقي عليه متاعب الأسفار

في زمنٍ عقيمْ

عيناك موطننا القديم

وإن غدت أيامنا

ليلاً يطاردُ في ضياءْ

سيظل في عينيك شيءٌ من رجاءْ

أن يرجع الإنسانٌ إنساناً

يُغطي العُرى

يغسل نفسه يوماً

ويرجع للنقاءْ

عيناك موطننا القديمُ

وإن غدونا كالضياعِ

بلا وطن

فيها عشقت العمر

أحزاناً وأفراحاً

ضياعاً أو سكنْ

عيناك في شعري خلودٌ

يعبرُ الآفاقَ ... يعصفُ بالزمنْ

عيناك عندي بالزمانِ

وقد غدوتُ .. بلا زمنْ

ويضيع العمر

يا رفيقَ الدَّرب

تاه الدَّرْبُ منّا .. في الضباب

يا رفيقَ العمر

ضاعَ العمرُ .. وانتحرَ الشباب

آهِ من أيّامنا الحيرى

توارتْ .. في التراب

آهِ من آمالِنا الحمقى

تلاشتْ كالسراب

يا رفيقَ الدَّرْب

ما أقسى الليالي

عذّبتنا ..

حَطَّمَتْ فينا الأماني

مَزَّقَتْنا

ويحَ أقداري

لماذا .. جَمَّعَتنا

في مولدِ الأشواق

ليتها في مولدِ الأشواقِ كانتْ فَرّقَتْنا

لا تسلني يا رفيقي

كيف تاهَ الدربُ .. مِنَّا

نحن في الدنيا حيارى

إنْ رضينا .. أم أَبَيْنَا

حبّنا نحياه يوماً

وغداً .. لا ندرِ أينَ !!

لا تلمني إن جعلتُ العمرَ

أوتاراً .. تُغنّي

أو أتيتُ الروضَ

منطلقَ التمنّي

فأنا بالشعرِ أحيا كالغديرِ المطمئنِّ

إنما الشعرُ حياتي ووجودي .. والتمنّي

هل ترى في العمر شيئاً

غير أيامٍ قليلة

تتوارى في الليالي

مثل أزهارِ الخميلة

لا تكنْ كالزهرِ

في الطُّرُقَاتِ .. يُلقيه البشر

مثلما تُلقي الليالي

عُمْرَنا .. بين الحُفَر

فكلانا يا رفيقي

من هوايات القَدَر

يا رفيقَ الدَّرْب

تاهَ الدربُ مني

رغمَ جُرحي

رغمَ جُرحي ..

سأغنّي

في عينيك عنواني

في عينيك عنواني

يقول الناس يا عمري .. بأنك سوف تنساني

و تنسى أنني يوما .. وهبتك نبض وجداني

و تعشقُ موجةً أخرى .. و تهجر دفء شُطآني

و يسقط كالمنى إسمي .. و سوف يتوه عنواني

ترى ستقول يا عمري بأنك كنتَ تهواني؟

حبيبي .. كيف تنساني؟



أتيتُكَ و المنى عندي .. بقايا بين أحضاني

أُحبك واحةً هدَأَت .. عليها كل أحزاني

أُحبك نسمةً تروي .. لصمت الناس ألحاني

أُحبك أنت يا أملاً .. كضوء الصبح يلقاني

ترى ستقول يا عمري بأنك كنتَ تهواني؟

حبيبي .. كيف تنساني؟



فلو خُيّرتُ في وطن .. لقُلتُ هواكَ أوطاني

و لو أنساك يا عمري .. حنايا القلب تنساني

أماتَ الحب عشاقاً .. و حبك أنتَ أحياني

إذا ما ضعتُ في دربي .. ففي عينيكَ عنواني

ترى ستقول يا عمري بأنك كنتَ تهواني؟

حبيبي .. كيف تنساني؟

مختارات من شعر فاروق جويدة

تعالي أحبك قبل الرحيل فما عاد في العمر غير القليل
أتينا الحياة بحلمٍ بريءٍ فعربد فينا زمانٌ بخيل
*** ***
حلمنا بأرضٍ تلم الحيارى وتأوي الطيور وتسقي النخيل
رأينا الربيع بقايا رمادٍ ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل
حلمنا بنهرٍ عشقناهُ خمراً رأيناه يوماً دماءً تسيل
فإن أجدب العمرُ في راحتيَّ فحبك عندي ظلالٌ ونيل
وما زلتِ كالسيف في كبريائي يكبلُ حلمي عرينٌ ذليل
وما زلت أعرف أين الأماني وإن كان دربُ الأماني طويل
*** ***
تعالي ففي العمرِ حلمٌ عنيدٌ فما زلتُ أحلمُ بالمستحيل
تعالي فما زالَ في الصبحِ ضوءٌ وفي الليل يضحكٌ بدرٌ جميل
أحُبك والعمرُ حلمٌ نقيٌّ أحبك واليأسُ قيدُ ثقيل
وتبقين وحدكِ صبحاً بعيني إذا تاه دربي فأنتِ الدليل
*** ***
إذا كنتُ قد عشتُ حلمي ضياعاً وبعثرتُ كالضوءِ عمري القليل
فإني خُلقتُ بحلم كبير وهل بالدموع سنروي الغليل ؟
وماذا تبقّى على مقلتينا ؟ شحوبُ الليالي وضوء هزيل
تعالي لنوقد في الليل ناراً ونصرخ في الصمتِ في المستحيل
تعالي لننسج حلماً جديداً نسميه للناس حلم الرحيل

نزار قباني في سطور

نزار قباني في سطور

نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي. ولد في دمشق (سوريا) عام 1923 من عائلة دمشقية عريقة هي أسرة قباني ، حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .

يقول نزار قباني عن نشأته "ولدت في دمشق في آذار (مارس) 1923 في بيت وسيع، كثير الماء والزهر، من منازل دمشق القديمة، والدي توفيق القباني، تاجر وجيه في حيه، عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري. امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية".

التحق بعد تخرجة بالعمل الدبلوماسي ، وتنقل خلاله بين القاهرة ، وأنقرة ، ولندن ، ومدريد ، وبكين ، ولندن. وفي ربيع 1966 ، ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه ، وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، كانت أولها " قالت لي السمراء " 1944 .

بدأ أولاً بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. يعتبر نزار مؤسس مدرسة شعريه و فكرية، تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان "قصائد من نزار قباني" الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار، حيث تضمن هذا الديوان قصيدة "خبز وحشيش وقمر" التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. واثارت ضده عاصفة شديدة حتى أن طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضاً بنقده السياسي القوي، من أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة" 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله "حبيبتي" (1961)، "الرسم بالكلمات" (1966) و"قصائد حب عربية" (1993).

كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه، أثر كبير في حياته, قرر بعدها محاربة كل الاشياء التي تسببت في موتها. عندما سؤل نزار قبانى اذا كان يعتبر نفسة ثائراً, أجاب الشاعر :" ان الحب في العالم العربي سجين و أنا اريد تحريرة، اريد تحرير الحس و الجسد العربي بشعري، أن العلاقة بين الرجل و المرأة في مجتمعنا غير سليمة".

تزوّج نزار قباني مرتين، الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي "بلقيس الراوي" و أنجب منها عُمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصاباً بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار، و قد رثاة في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قُتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس ..

بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ ، و المهرولون .

وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما قضى منها اكثر من 50 عاماً في الحب و السياسة و الثوره .

كل الأساطير ماتت ….
بموتك … وانتحرت شهرزاد .

لا تحِبّيني

لا تحِبّيني

هذا الهوى..

ما عاد يغريني!

فلتستريحي.. ولتريحيني..

إن كان حبك.. في تقلبه

ما قد رأيت..

فلا تحبيني..

حبي..

هو الدنيا بأجمعها

أما هواك. فليس يعنيني..

أحزاني الصغرى.. تعانقني.

وتزورني..

إن لم تزوريني.

ما همني..

ما تشعرين به..

إن إفتكاري فيك يكفيني..

فالحب.

وهمٌ في خواطرنا

كالعطر، في بال البساتين..

عيناك.

من حزني خلقتهما

ما أنت؟

ما عيناك؟ من دوني

فمك الصغير..

أدرته بيدي..

وزرعته أزهار ليمون..

حتى جمالك.

ليس يذهلني

إن غاب من حينٍ إلى حين..

فالشوق يفتح ألف نافذةٍ

خضراء..

عن عينيك تغنيني

لا فرق عندي. يا معذبتي

أحببتني.

أم لم تحبيني..

أنت استريحي.. من هواي أنا..

لكن سألتك..

لا تريحيني..

الحبُّ يا حبيبتي..

الحبُّ يا حبيبتي..

الحب يا حبيبتي

قصيدةٌ جميلةٌ مكتوبةٌ على القمر

الحب مرسومٌ على جميع أوراق الشجر

الحب منقوشٌ على ريش العصافير

وحبات المطر

لكن أي امرأةٍ في وطني

إذا أحبت رجلاً

ترمى بخمسين حجر

كلَ عام وأنتِ حبيبتي..

كلَ عام وأنتِ حبيبتي..

1

كل عامٍ وأنت حبيبتي..

أقولها لك،

عندما تدق الساعة منتصف الليل

وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني

كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورق..

أقولها لك على طريقتي..

متجاوزاً كل الطقوس الاحتفاليه

التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..

وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب

التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..

ورافضاً..

كل العبارات الكلاسيكية..

التي يرددها الرجال على مسامع النساء

منذ 1975 سنة..

2

كل عامٍ وأنت حبيبتي..

أقولها لك بكل بساطه..

كما يقرأ طفلٌ صلاته قبل النوم

وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمح..

فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض..

زهرةً..

وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك..

مركباً..

أقولها لك بحرارةٍ ونزق

كما يضرب الراقص الاسباني قدمه بالأرض

فتتشكل ألوف الدوائر

حول محيط الكرة الأرضيه..

.....................................

.....................................

.....................................

3

كل عامٍ وأنت حبيبتي..

هذه هي الكلمات الأربع..

التي سألفها بشريطٍ من القصب

وأرسلها إليك ليلة رأس السنه.

كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات

لا تقول ما أريده..

وكل الرسوم التي عليها..

من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكرات

ثلج..

وأطفالٍ.. وملائكه..

لا تناسبني..

إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه..

ولا للقصائد الجاهزه..

ولا للتمنيات التي برسم التصدير

فهي كلها مطبوعة في باريس، أو لندن،

أو أمستردام..

ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية..

لتصلح لكل المناسبات

وأنت لست امرأة المناسبات..

بل أنت المرأة التي أحبها..

أنت هذا الوجع اليومي..

الذي لا يقال ببطاقات المعايده..

ولا يقال بالحروف اللاتينيه...

ولا يقال بالمراسله..

وإنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل..

وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه..

وتستحمين هناك..

ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري

ويستوطن هناك..

4

لأنني أحبك..

تدخل السنة الجديدة علينا..

دخول الملوك..

ولأنني أحبك..

أحمل تصريحاً خاصاً من الله..

بالتجول بين ملايين النجوم..

5

لن نشتري هذا العيد شجره

ستكونين أنت الشجره

وسأعلق عليك..

أمنياتي.. وصلواتي..

وقناديل دموعي..

6

كل عامٍ وأنت حبيبتي..

أمنيةٌ أخاف أن أتمناها

حتى لا أتهم بالطمع أو بالغرور

فكرةٌ أخاف أن أفكر بها..

حتى لا يسرقها الناس مني..

ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر..

7

كل عامٍ وأنت حبيبتي..

كل عامٍ وأنت حبيبك..

أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي..

وأحلم أكثر من الحد المسموح به..

ولكن..

من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟

من يحاسب الفقراء؟..

إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش

لمدة خمس دقائق؟

من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟

هناك ثلاث حالاتٍ يصبح فيها الحلم شرعياً:

حالة الجنون..

وحالة الشعر..

وحالة التعرف على امرأة مدهشةٍ مثلك..

وأنا أعاني – لحسن الحظ-

من الحالات الثلاث..

8

اتركي عشيرتك..

واتبعيني إلى مغائري الداخليه

اتركي قبعة الورق..

وموسيقى الجيرك..

والملابس التنكريه..

واجلسي معي تحت شجر البرق..

وعباءة الشعر الزرقاء..

سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت

وسأسقيك نبيذاً أحمر..

من أقبية الرهبان..

وسأصنع لك طبقاً إسبانياً..

من قواقع البحر..

إتبعيني – يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيه..

فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد..

وأفتح لك حقائب دموعي..

التي لم أفتحها لأحد..

ولسوف أحبك..

كما لا أحبك أحد..

9

عندما تدق الساعة الثانية عشره

وتفقد الكرة الأرضية توازنها

ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامهم..

سأنسحب إلى داخل نفسي..

وأسحبك معي..

فأنت امرأةٌ لا ترتبط بالفرح العام

ولا بالزمن العام..

ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا..

ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..

ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل

سوى رجالٍ من ورق..

ونساءٍ من ورق..

10

آه.. يا سيدتي

لو كان الأمر بيدي..

إذن لصنعت سنةً لك وحدك

تفصلين أيامها كما تريدين..

وتسندين ظهرك على أسابيعها كما تريدين

وتتشمسين..

وتستحمين..

وتركضين على رمال شهورها..

كما تريدين..

آه.. يا سيدتي..

لو كان الأمر بيدي..

لأقمت عاصمةً لك في ضاحية الوقت

لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرمليه

ولا يبدأ فيها الزمن الحقيقي

إلا..

عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها..

داخل يدي..

11

كل عامٍ وعيناك أيقونتان بيزنطيتان..

ونهداك طفلان أشقران..

يتدحرجان على الثلج..

كل عامٍ.. وأنا متورطٌ بك..

وملاحقٌ بتهمة حبك..

كما السماء متهمةٌ بالزرقه

والعصافير متهمةٌ بالسفر

والشفة متهمةٌ بالإستداره...

كل عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلك..

ومبللٌ بأمطارك..

ومحفورٌ – كالإناء الصيني – بتضاريس جسمك

كل عامٍ وأنت.. لا أدري ماذا أسميك..

إختاري أنت أسماءك..

كما تختار النقطة مكانها على السطر

وكما يختار المشط مكانه في طيات الشعر..

وإلى أن تختاري إسمك الجديد

إسمحي لي أن أناديك:

"يا حبيبتي"...

إلى حبيبتي في رأس السنة..

إلى حبيبتي في رأس السنة..

1

أنقل حبي لك من عامٍ إلى عام..

كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية إلى دفترٍ جديد

أنقل صوتك.. ورائحتك.. ورسائلك..

ورقم هاتفك.. وصندوق بريدك..

وأعلقها في خزانة العام الجديد..

وأمنحك تذكرة إقامة دائمة في قلبي..

2

إنني أحبك..

ولن أتركك وحدك على ورقة 31 ديسمبر أبداً

سأحملك على ذراعي..

وأتنقل بك بين الفصول الأربعه..

ففي الشتاء، سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء..

كي لا تبردي..

وفي الخريف، سأعطيك معطف المطر الوحيد

الذي أمتلكه..

كي لا تتبللي..

وفي الربيع..

سأتركك تنامين على الحشائش الطازجه..

وتتناولين طعام الإفطار..

مع الجنادب والعصافير..

وفي الصيف..

سأشتري لك شبكة صيدٍ صغيره..

لتصطادي المحار..

وطيور البحر..

والأسماك المجهولة العناوين...

3

إنني أحبك..

ولا أريد أن أربطك بذاكرة الأفعال الماضيه..

ولا بذاكرة القطارات المسافره..

فأنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً

فوق شرايين يدي..

أنت قطاري الأخير..

وأنا محطتك الأخيره..

4

إنني أحبك..

ولا أريد أن أربطك بالماء.. أو الريح

أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري..

ولا بحركات المد والجزر..

أو ساعات الخسوف والكسوف

لا يهمني ما تقوله المراصد..

وخطوط فناجين القهوه..

فعيناك وحدهما هما النبوءه

وهما المسؤولتان عن فرح هذا العالم...

5

أحبك..

وأحب أن أربطك بزمني.. وبطقسي..

وأجعلك نجمةً في مداري..

أريد أن تأخذي شكل الكلمة..

ومساحة الورقه..

حتى إذا نشرت كتاباً.. وقرأه الناس..

عثروا عليك، كالوردة في داخله..

أريد أن تأخذي شكل فمي..

حتى إذا تكلمت..

وجدك الناس تستحمين في صوتي..

أريدك أن تأخذي شكل يدي..

حتى إذا وضعتها على الطاولة..

وجدك الناس نائمةً في جوفها..

كفراشةٍ في يد طفل..

إنني لا أحترف طقوس التهنئة..

إنني أحترف العشق..

وأحترفك..

يتجول هو فوق جلدي..

وتتجولين أنت تحت جلدي..

وأما أنا..

فأحمل الشوارع والأرصفة المغسولة بالمطر..

على ظهري.. وأبحث عنك..

6

لماذا تتآمرين علي مع المطر؟ ما دمت تعرفين..

أن كل تاريخي معك.. مقترنٌ بسقوط المطر..

وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني..

عندما أشم رائحة نهديك..

هي حساسية المطر..

لماذا تتآمرين علي ؟. ما دمت تعرفين..

أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك..

هو كتاب المطر..

7

إنني أحبك..

هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها..

ويحسدني عليها أصدقائي.. وأعدائي..

قبلك.. كانت الشمس، والجبال، والغابات..

في حالة بطالة..

واللغة بحالة بطالة.. والعصافير بحالة بطالة...

فشكراً لأنك أدخلتني المدرسه..

وشكراً.. لأنك علمتني أبجدية العشق..

وشكراً .. لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي..

تريدين..

تريدين..

تريدين مثل جميع النساء..

كنوز سليمان..

مثل جميع النساء

وأحواض عطرٍ

وأمشاط عاجٍ

وسرب إماء

تريدين مولى..

يسبح باسمك كالببغاء

يقول: (أحبك) عند الصباح

يقول: (أحبك) عند المساء

ويغسل بالخمر رجليك..

يا شهرزاد النساء..

تريدين مثل جميع النساء

تريدين مني نجوم السماء

وأطباق منٍ..

وأطباق سلوى..

وخفين من زهر الكستناء..

تريدين..

من شنغهاي الحرير..

ومن أصفهان

جلود الفراء..

ولست نبياً من الأنبياء..

لألقي عصاي..

فينشق بحرٌ..

ويولد حجارته من ضياء..

تريدين مثل جميع النساء..

مراوح ريشٍ

وكحلاً..

وعطرا..

تريدين عبداً شديد الغباء

ليقرأ عند سريرك شعرا.

تريدين..

في لحظتين اثنتين

بلاط الرشيد

وإيوان كسرى..

وقافلةً من عبيد وأسرى

تجر ذيولك..

يا كليوبترا...

ولست أنا..

سندباد الفضاء..

لأحضر بابل بين يديك

وأهرام مصرٍ..

وإيوان كسرى

وليس لدي سراج علاء

لآتيك بالشمس فوق إناء..

كما تتمنى.. جميع النساء..

وبعد..

أيا شهرزاد النساء..

أنا عاملٌ من دمشق .. فقيرٌ

رغيفي أغمسه بالدماء..

شعوري بسيط

وأجري بسيطٌ

وأؤمن بالخبز والأولياء..

وأحلم بالحب كالآخرين..

وزوجٍ تخيط ثقوب ردائي..

وطفلٍ ينام على ركبتي

كعصفور حقلٍ

كزهرة ماء..

أفكر بالحب كالآخرين..

لأن المحبة مثل الهواء..

لأن المحبة شمسٌ تضيء..

على الحالمين وراء القصور..

على الكادحين..

على الأشقياء..

ومن يملكون سرير حريرٍ

ومن يملكون سرير بكاء..

تريدين مثل جميع النساء..

تريدين ثامنة المعجزات..

وليس لدي..

سوى كبريائي..

سأقول لكِ أحبّكِ..

سأقول لكِ أحبّكِ..

سأقول لك "أحبك"..

حين تنتهي كل لغات العشق القديمه

فلا يبقى للعشاق شيءٌ يقولونه.. أو يفعلونه..

عندئذ ستبدأ مهمتي..

في تغيير حجارة هذا العالم..

وفي تغيير هندسته..

شجرةً بعد شجره..

وكوكباً بعد كوكب..

وقصيدةً بعد قصيده..

سأقول لك "أحبك"..

وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري..

ويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر برئتي أنا..

وتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارة..

هي يدي أنا..

سأقولها، عندما أصبح قادراً،

على استحضار طفولتي، وخيولي، وعساكري،

ومراكبي الورقيه..

واستعادة الزمن الأزرق معك على شواطيء بيروت..

حين كنت ترتعشين كسمكةٍ بين أصابعي..

فأغطيك، عندما تنعسين،

بشرشفٍ من نجوم الصيف..

3

سأقول لك "أحبك"..

وسنابل القمح حتى تنضج.. بحاجةٍ إليك..

والينابيع حتى تتفجر..

والحضارة حتى تتحضر..

والعصافير حتى تتعلم الطيران..

والفراشات حتى تتعلم الرسم..

وأنا أمارس النبوه

بحاجةٍ إليك..

4

سأقول لك "أحبك"..

عندما تسقط الحدود نهائياً بينك وبين القصيده..

ويصبح النوم على ورقة الكتابه

ليس الأمر سهلاً كما تتصورين..

خارج إيقاعات الشعر..

ولا أن أدخل في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرف أن أتهجاه..

كلمةً كلمه..

ومقطعاً مقطعاً...

إنني لا أعاني من عقدة المثقفين..

لكن طبيعتي ترفض الأجساد التي لا تتكلم بذكاء...

والعيون التي لا تطرح الأسئله..

إن شرط الشهوة عندي، مرتبطٌ بشرط الشعر

فالمرأة قصيدةٌ أموت عندما أكتبها..

وأموت عندما أنساها..

5

سأقول لك "أحبك"..

عندما أبرأ من حالة الفصام التي تمزقني..

وأعود شخصاً واحداً..

سأقولها، عندما تتصالح المدينة والصحراء في داخلي.

وترحل كل القبائل عن شواطيء دمي..

الذي حفره حكماء العالم الثالث فوق جسدي..

التي جربتها على مدى ثلاثين عاماً...

فشوهت ذكورتي..

وأصدرت حكماً بجلدك ثمانين جلده..

بتهمة الأنوثه...

لذلك. لن أقول لك (أحبك).. اليوم..

وربما لن أقولها غداً..

فالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهره

والليل يتعذب كثيراً.. ليلد نجمه..

والبشرية تنتظر ألوف السنوات.. لتطلع نبياً..

فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت..

لتصبحي حبيبتي؟؟.

بتهمة الأنوثه...

لذلك. لن أقول لك (أحبك).. اليوم..

وربما لن أقولها غداً..

فالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهره

والليل يتعذب كثيراً.. ليلد نجمه..

والبشرية تنتظر ألوف السنوات.. لتطلع نبياً..

فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت..

لتصبحي حبيبتي؟؟.

إختاري

إختاري

إني خيرتك فاختاري

ما بين الموت على صدري..

أو فوق دفاتر أشعاري..

إختاري الحب.. أو اللاحب

فجبنٌ ألا تختاري..

لا توجد منطقةٌ وسطى

ما بين الجنة والنار..

إرمي أوراقك كاملةً..

وسأرضى عن أي قرار..

قولي. إنفعلي. إنفجري

لا تقفي مثل المسمار..

لا يمكن أن أبقى أبداً

كالقشة تحت الأمطار

إختاري قدراً بين اثنين

وما أعنفها أقداري..

مرهقةٌ أنت.. وخائفةٌ

وطويلٌ جداً.. مشواري

غوصي في البحر.. أو ابتعدي

لا بحرٌ من غير دوار..

الحب مواجهةٌ كبرى

إبحارٌ ضد التيار

صلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ

ورحيلٌ بين الأقمار..

يقتلني جبنك يا امرأةً

تتسلى من خلف ستار..

إني لا أؤمن في حبٍ..

لا يحمل نزق الثوار..

لا يكسر كل الأسوار

لا يضرب مثل الإعصار..

آهٍ.. لو حبك يبلعني

يقلعني.. مثل الإعصار..

إني خيرتك.. فاختاري

ما بين الموت على صدري

أو فوق دفاتر أشعاري

لا توجد منطقةٌ وسطى

ما بين الجنة والنار..

نهر الأحزان

نهر الأحزان

عيناك كنهري أحـزان

نهري موسيقى.. حملاني

لوراء، وراء الأزمـان

نهري موسيقى قد ضاعا

سيدتي.. ثم أضاعـاني

الدمع الأسود فوقهما

يتساقط أنغام بيـان

عيناك وتبغي وكحولي

والقدح العاشر أعماني

وأنا في المقعد محتـرقٌ

نيراني تأكـل نيـراني

أأقول أحبك يا قمري؟

آهٍ لـو كان بإمكـاني

فأنا لا أملك في الدنيـا

إلا عينيـك وأحـزاني

سفني في المرفأ باكيـةٌ

تتمزق فوق الخلجـان

ومصيري الأصفر حطمني

حطـم في صدري إيماني

أأسافر دونك ليلكـتي؟

يا ظـل الله بأجفـاني

يا صيفي الأخضر ياشمسي

يا أجمـل.. أجمـل ألواني

هل أرحل عنك وقصتنا

أحلى من عودة نيسان؟

أحلى من زهرة غاردينيا

في عتمة شعـرٍ إسبـاني

يا حبي الأوحد.. لا تبكي

فدموعك تحفر وجـداني

إني لا أملك في الدنيـا

إلا عينيـك ..و أحزاني

أأقـول أحبك يا قمـري؟

آهٍ لـو كـان بإمكـاني

فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ

لا أعرف في الأرض مكاني

ضيعـني دربي.. ضيعـني

إسمي.. ضيعـني عنـواني

تاريخـي! ما لي تاريـخٌ

إنـي نسيـان النسيـان

إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو

جـرحٌ بملامـح إنسـان

ماذا أعطيـك؟ أجيبيـني

قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني

ماذا أعطيـك سـوى قدرٍ

يرقـص في كف الشيطان

أنا ألـف أحبك.. فابتعدي

عني.. عن نـاري ودخاني

فأنا لا أمـلك في الدنيـا

إلا عينيـك... وأحـزاني

القصيدة المتوحشة

القصيدة المتوحشة

أحبيني .. بلا عقد

وضيعي في خطوط يدي

أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..

فلست أنا الذي يهتم بالأبد..

أنا تشرين .. شهر الريح،

والأمطار .. والبرد..

أنا تشرين فانسحقي

كصاعقة على جسدي..

أحبيني ..

بكل توحش التتر..

بكل حرارة الأدغال

كل شراسة المطر

ولا تبقي ولا تذري..

ولا تتحضري أبدا..

فقد سقطت على شفتيك

كل حضارة الحضر

أحبيني..

كزلزال .. كموت غير منتظر..

وخلي نهدك المعجون..

بالكبريت والشرر..

يهاجمني .. كذئب جائع خطر

وينهشني .. ويضربني ..

كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..

أنا رجل بلا قدر

فكوني .. أنت لي قدري

وأبقيني .. على نهديك..

مثل النقش في الحجر..

***

أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..

ولا تتلعثمي خجلا

ولا تتساقطي خوفا

أحبيني .. بلا شكوى

أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟

وكوني البحر والميناء..

كوني الأرض والمنفى

وكوني الصحو والإعصار

كوني اللين والعنفا..

أحبيني .. بألف وألف أسلوب

ولا تتكرري كالصيف..

إني أكره الصيفا..

أحبيني .. وقوليها

لأرفض أن تحبيني بلا صوت

وأرفض أن أواري الحب

في قبر من الصمت

أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت

بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..

بعيدا عن تعصبها..

بعيدا عن تخشبها..

أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا

التي من يوم أن كانت

إليها الحب لا يأتي..

إليها الله .. لا يأتي ..

***

أحبيني .. ولا تخشي على قدميك

- سيدتي - من الماء

فلن تتعمدى امرأة

وجسمك خارج الماء

وشعرك خارج الماء

فنهدك .. بطة بيضاء ..

لا تحيا بلا ماء ..

أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي

بصحوي .. أو بأنوائي

وغطيني ..

أيا سقفا من الأزهار ..

يا غابات حناء ..

تعري ..

واسقطي مطرا

على عطشي وصحرائي ..

وذوبي في فمي .. كالشمع

وانعجني بأجزائي

تعري .. واشطري شفتي

إلى نصفين .. يا موسى بسيناء

طوق الياسمين

طوق الياسمين

طوق الياسمين

شكراً.. لطوق الياسمين

وضحكت لي.. وظننت أنك تعرفين

معنى سوار الياسمين

يأتي به رجل إليك

ظننت أنك تدركين

.......

وجلست في ركن ركين

تتسرحين

وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين

لحناً فرنسي الرنين

لحناً كأيامي حزين

قدماك في الخف المقصب

جدولان من الحنين

وقصدت دولاب الملابس

تقلعين .. وترتدين

وطلبت أن أختار ماذا تلبسين

أفلي إذن ؟

أفلي أنا تتجملين ؟

ووقفت .. في دوامة الأوان ملتهب الجبين

الأسود المكشوف من كتفيه

هل تترددين ؟

لكنه لون حزين

لون كأيامي حزين

ولبسته

وربطت طوق الياسمين

وظننت أنك تعرفين

معنى سوار الياسمين

يأتي به رجل إليك

ظننت أنك تدركين..

هذا المساء

بحانة صغرى رأيتك ترقصين

تتكسرين على زنود المعجبين

تتكسرين

وتدمدمين

قي أذن فارسك الأمين

لحناً فرنسي الرنين

لحناً كأيامي حزين

.......

وبدأت أكتشف اليقين

وعرفت أنك للسوى تتجملين

وله ترشين العطور

وتقلعين

وترتدين

ولمحت طوق الياسمين

في الأرض .. مكتوم الأنين

كالجثة البيضاء

تدفعه جموع الراقصين

ويهم فارسك الجميل بأخذه

فتمانعين

وتقهقهين

" لاشيء يستدعي انحناك

ذاك طوق الياسمين .. "

شكرا

شكرا

شكرا لحبك..

فهو معجزتي الأخيره..

بعدما ولى زمان المعجزات.

شكرا لحبك..

فهو علمني القراءة، والكتابه،

وهو زودني بأروع مفرداتي..

وهو الذي شطب النساء جميعهن .. بلحظه

واغتال أجمل ذكرياتي..

شكرا من الأعماق..

يا من جئت من كتب العبادة والصلاه

شكرا لخصرك، كيف جاء بحجم أحلامي، وحجم تصوراتي

ولوجهك المندس كالعصفور،

بين دفاتري ومذكراتي..

شكرا لأنك تسكنين قصائدي..

شكرا...

لأنك تجلسين على جميع أصابعي

شكرا لأنك في حياتي..

شكرا لحبك..

فهو أعطاني البشارة قبل كل المؤمنين

واختارني ملكا..

وتوجني..

وعمدني بماء الياسمين..

شكرا لحبك..

فهو أكرمني، وأدبني ، وعلمني علوم الأولىن

واختصني، بسعادة الفردوس ، دون العالمين شكرا..

لأيام التسكع تحت أقواس الغمام، وماء تشرين الحزين

ولكل ساعات الضلال، وكل ساعات اليقين

شكرا لعينيك المسافرتين وحدهما..

إلى جزر البنفسج ، والحنين..

شكرا..

على كل السنين الذاهبات..

فإنها أحلى السنين..

شكرا لحبك..

فهو من أغلى وأوفى الأصدقاء

وهو الذي يبكي على صدري..

إذا بكت السماء

شكرا لحبك فهو مروحه..

وطاووس .. ونعناع .. وماء

وغمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء...

وهو المفاجأة التي قد حار فيها الأنبياء..

شكرا لشعرك .. شاغل الدنيا ..

وسارق كل غابات النخيل

شكرا لكل دقيقه..

سمحت بها عيناك في العمر البخيل

شكرا لساعات التهور، والتحدي،

واقتطاف المستحيل..

شكرا على سنوات حبك كلها..

بخريفها، وشتائها

وبغيمها، وبصحوها،

وتناقضات سمائها..

شكرا على زمن البكاء ، ومواسم السهر الطويل

شكرا على الحزن الجميل ..

شكرا على الحزن الجميل

لا تسألوني

لا تسألوني

لا تسـألوني... ما اسمه حبيبي أخشى عليكم.. ضوعة الطيوب
زق العـبير.. إن حـطمتموه غـرقتم بعاطـرٍ سـكيب
والله.. لو بحـت بأي حرفٍ تكدس الليـلك في الدروب
لا تبحثوا عنه هـنا بصدري تركته يجـري مع الغـروب
ترونه في ضـحكة السواقي في رفة الفـراشة اللعوب
في البحر، في تنفس المراعي وفي غـناء كل عندليـب
في أدمع الشتاء حين يبكي وفي عطاء الديمة السكوب
لا تسألوا عن ثغره.. فهلا رأيتـم أناقة المغيـب
ومـقلتاه شاطـئا نـقاءٍ وخصره تهزهز القـضيب
محاسنٌ.. لا ضمها كتابٌ ولا ادعتها ريشة الأديب
وصدره.. ونحره.. كفاكم فلن أبـوح باسمه حبيبي

أحبك جداً

أحبك جداً

أحبك جداً

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل

وأعرف أنك ست النساء

وليس لدي بديـل

وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى

ومات الكلام الجميل

...

لست النساء ماذا نقول

أحبك جدا...

...

أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى

وأنت بمنفى

وبيني وبينك

ريحٌ

وغيمٌ

وبرقٌ

ورعدٌ

وثلجٌ ونـار

وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ

وأعرف أن الوصول إليك

انتحـار

ويسعدني

أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية

ولو خيروني

لكررت حبك للمرة الثانية

...

يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر

أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر

أحبك جداً

...

وأعرف أني أسافر في بحر عينيك

دون يقين

وأترك عقلي ورائي وأركض

أركض

أركض خلف جنونـي

...

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها

سألتك بالله لا تتركيني

لا تتركيني

فماذا أكون أنا إذا لم تكوني

أحبك جداً

وجداً وجداً

وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا

وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا...

وما همني

إن خرجت من الحب حيا

وما همني

إن خرجت قتيلا

رسالة حب صغيرة

رسالة حب صغيرة

حبيبتي ، لدي شيءٌ كثير.. أقوله ، لدي شيءٌ كثير ..
من أين ؟ يا غاليتي أبتدي و كل ما فيك.. أميرٌ.. أمير
يا أنت يا جاعلةً أحرفي مما بها شرانقاً للحرير
هذي أغاني و هذا أنا يضمنا هذا الكتاب الصغير
غداً .. إذا قلبت أوراقه و اشتاق مصباحٌ و غنى سرير..
واخضوضرت من شوقها، أحرفٌ و أوشكت فواصلٌ أن تطير
فلا تقولي : يا لهذا الفتى أخبر عني المنحنى و الغدير
و اللوز .. و التوليب حتى أنا تسير بي الدنيا إذا ما أسير
و قال ما قال فلا نجمةٌ إلا عليها من عبيري عبير
غداً .. يراني الناس في شعره فماً نبيذياً، و شعراً قصير
دعي حكايا الناس.. لن تصبحي كبيرةً .. إلا بحبي الكبير
ماذا تصير الأرض لو لم نكن لو لم تكن عيناك... ماذا تصير ؟

قصيدة بلقيس

قصيدة بلقيس

شكراً لكم ..

شكراً لكم . .

فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم

أن تشربوا كأساً على قبر الشهيده

وقصيدتي اغتيلت ..

وهل من أمـةٍ في الأرض ..

- إلا نحن - تغتال القصيدة ؟

بلقيس ...

كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل

بلقيس ..

كانت أطول النخلات في أرض العراق

كانت إذا تمشي ..

ترافقها طواويسٌ ..

وتتبعها أيائل ..

بلقيس .. يا وجعي ..

ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل

هل يا ترى ..

من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل ؟

يا نينوى الخضراء ..

يا غجريتي الشقراء ..

يا أمواج دجلة . .

تلبس في الربيع بساقها

أحلى الخلاخل ..

قتلوك يا بلقيس ..

أية أمةٍ عربيةٍ ..

تلك التي

تغتال أصوات البلابل ؟

أين السموأل ؟

والمهلهل ؟

والغطاريف الأوائل ؟

فقبائلٌ أكلت قبائل ..

وثعالبٌ قتـلت ثعالب ..

وعناكبٌ قتلت عناكب ..

قسماً بعينيك اللتين إليهما ..

تأوي ملايين الكواكب ..

سأقول ، يا قمري ، عن العرب العجائب

فهل البطولة كذبةٌ عربيةٌ ؟

أم مثلنا التاريخ كاذب ؟.

بلقيس

لا تتغيبي عني

فإن الشمس بعدك

لا تضيء على السواحل . .

سأقول في التحقيق :

إن اللص أصبح يرتدي ثوب المقاتل

وأقول في التحقيق :

إن القائد الموهوب أصبح كالمقاول ..

وأقول :

إن حكاية الإشعاع ، أسخف نكتةٍ قيلت ..

فنحن قبيلةٌ بين القبائل

هذا هو التاريخ . . يا بلقيس ..

كيف يفرق الإنسان ..

ما بين الحدائق والمزابل

بلقيس ..

أيتها الشهيدة .. والقصيدة ..

والمطهرة النقية ..

سبـأٌ تفتش عن مليكتها

فردي للجماهير التحية ..

يا أعظم الملكات ..

يا امرأةً تجسد كل أمجاد العصور السومرية

بلقيس ..

يا عصفورتي الأحلى ..

ويا أيقونتي الأغلى

ويا دمعاً تناثر فوق خد المجدلية

أترى ظلمتك إذ نقلتك

ذات يومٍ .. من ضفاف الأعظمية

بيروت .. تقتل كل يومٍ واحداً منا ..

وتبحث كل يومٍ عن ضحية

والموت .. في فنجان قهوتنا ..

وفي مفتاح شقتنا ..

وفي أزهار شرفتنا ..

وفي ورق الجرائد ..

والحروف الأبجدية ...

ها نحن .. يا بلقيس ..

ندخل مرةً أخرى لعصر الجاهلية ..

ها نحن ندخل في التوحش ..

والتخلف .. والبشاعة .. والوضاعة ..

ندخل مرةً أخرى .. عصور البربرية ..

حيث الكتابة رحلةٌ

بين الشظية .. والشظية

حيث اغتيال فراشةٍ في حقلها ..

صار القضية ..

هل تعرفون حبيبتي بلقيس ؟

فهي أهم ما كتبوه في كتب الغرام

كانت مزيجاً رائعاً

بين القطيفة والرخام ..

كان البنفسج بين عينيها

ينام ولا ينام ..

بلقيس ..

يا عطراً بذاكرتي ..

ويا قبراً يسافر في الغمام ..

قتلوك ، في بيروت ، مثل أي غزالةٍ

من بعدما .. قتلوا الكلام ..

بلقيس ..

ليست هذه مرثيةً

لكن ..

على العرب السلام

بلقيس ..

مشتاقون .. مشتاقون .. مشتاقون ..

والبيت الصغير ..

يسائل عن أميرته المعطرة الذيول

نصغي إلى الأخبار .. والأخبار غامضةٌ

ولا تروي فضول ..

بلقيس ..

مذبوحون حتى العظم ..

والأولاد لا يدرون ما يجري ..

ولا أدري أنا .. ماذا أقول ؟

هل تقرعين الباب بعد دقائقٍ ؟

هل تخلعين المعطف الشتوي ؟

هل تأتين باسمةً ..

وناضرةً ..

ومشرقةً كأزهار الحقول ؟

بلقيس ..

إن زروعك الخضراء ..

ما زالت على الحيطان باكيةً ..

ووجهك لم يزل متنقلاً ..

بين المرايا والستائر

حتى سجارتك التي أشعلتها

لم تنطفئ ..

ودخانها

ما زال يرفض أن يسافر

بلقيس ..

مطعونون .. مطعونون في الأعماق ..

والأحداق يسكنها الذهول

بلقيس ..

كيف أخذت أيامي .. وأحلامي ..

وألغيت الحدائق والفصول ..

يا زوجتي ..

وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياء عيني ..

قد كنت عصفوري الجميل ..

فكيف هربت يا بلقيس مني ؟..

بلقيس ..

هذا موعد الشاي العراقي المعطر ..

والمعتق كالسلافة ..

فمن الذي سيوزع الأقداح .. أيتها الزرافة ؟

ومن الذي نقل الفرات لبيتنا ..

وورود دجلة والرصافة ؟

بلقيس ..

إن الحزن يثقبني ..

وبيروت التي قتلتك .. لا تدري جريمتها

وبيروت التي عشقتك ..

تجهل أنها قتلت عشيقتها ..

وأطفأت القمر ..

بلقيس ..

يا بلقيس ..

يا بلقيس

كل غمامةٍ تبكي عليك ..

فمن ترى يبكي عليا ..

بلقيس .. كيف رحلت صامتةً

ولم تضعي يديك .. على يديا ؟

بلقيس ..

كيف تركتنا في الريح ..

نرجف مثل أوراق الشجر ؟

وتركتنا - نحن الثلاثة - ضائعين

كريشةٍ تحت المطر ..

أتراك ما فكرت بي ؟

وأنا الذي يحتاج حبك .. مثل (زينب) أو (عمر)

بلقيس ..

يا كنزاً خرافياً ..

ويا رمحاً عراقياً ..

وغابة خيزران ..

يا من تحديت النجوم ترفعاً ..

من أين جئت بكل هذا العنفوان ؟

بلقيس ..

أيتها الصديقة .. والرفيقة ..

والرقيقة مثل زهرة أقحوان ..

ضاقت بنا بيروت .. ضاق البحر ..

ضاق بنا المكان ..

بلقيس : ما أنت التي تتكررين ..

فما لبلقيس اثنتان ..

بلقيس ..

تذبحني التفاصيل الصغيرة في علاقتنا ..

وتجلدني الدقائق والثواني ..

فلكل دبوسٍ صغيرٍ .. قصةٌ

ولكل عقدٍ من عقودك قصتان

حتى ملاقط شعرك الذهبي ..

تغمرني ،كعادتها ، بأمطار الحنان

ويعرش الصوت العراقي الجميل ..

على الستائر ..

والمقاعد ..

والأواني ..

ومن المرايا تطلعين ..

من الخواتم تطلعين ..

من القصيدة تطلعين ..

من الشموع ..

من الكؤوس ..

من النبيذ الأرجواني ..

بلقيس ..

يا بلقيس .. يا بلقيس ..

لو تدرين ما وجع المكان ..

في كل ركنٍ .. أنت حائمةٌ كعصفورٍ ..

وعابقةٌ كغابة بيلسان ..

فهناك .. كنت تدخنين ..

هناك .. كنت تطالعين ..

هناك .. كنت كنخلةٍ تتمشطين ..

وتدخلين على الضيوف ..

كأنك السيف اليماني ..

بلقيس ..

أين زجاجة ( الغيرلان ) ؟

والولاعة الزرقاء ..

أين سجارة الـ (الكنت ) التي

ما فارقت شفتيك ؟

أين (الهاشمي ) مغنياً ..

فوق القوام المهرجان ..

تتذكر الأمشاط ماضيها ..

فيكرج دمعها ..

هل يا ترى الأمشاط من أشواقها أيضاً تعاني ؟

بلقيس : صعبٌ أن أهاجر من دمي ..

وأنا المحاصر بين ألسنة اللهيب ..

وبين ألسنة الدخان ...

بلقيس : أيتها الأميرة

ها أنت تحترقين .. في حرب العشيرة والعشيرة

ماذا سأكتب عن رحيل مليكتي ؟

إن الكلام فضيحتي ..

ها نحن نبحث بين أكوام الضحايا ..

عن نجمةٍ سقطت ..

وعن جسدٍ تناثر كالمرايا ..

ها نحن نسأل يا حبيبة ..

إن كان هذا القبر قبرك أنت

أم قبر العروبة ..

بلقيس :

يا صفصافةً أرخت ضفائرها علي ..

ويا زرافة كبرياء

بلقيس :

إن قضاءنا العربي أن يغتالنا عربٌ ..

ويأكل لحمنا عربٌ ..

ويبقر بطننا عربٌ ..

ويفتح قبرنا عربٌ ..

فكيف نفر من هذا القضاء ؟

فالخنجر العربي .. ليس يقيم فرقاً

بين أعناق الرجال ..

وبين أعناق النساء ..

بلقيس :

إن هم فجروك .. فعندنا

كل الجنائز تبتدي في كربلاء ..

وتنتهي في كربلاء ..

لن أقرأ التاريخ بعد اليوم

إن أصابعي اشتعلت ..

وأثوابي تغطيها الدماء ..

ها نحن ندخل عصرنا الحجري

نرجع كل يومٍ ، ألف عامٍ للوراء ...

البحر في بيروت ..

بعد رحيل عينيك استقال ..

والشعر .. يسأل عن قصيدته

التي لم تكتمل كلماتها ..

ولا أحدٌ .. يجيب على السؤال

الحزن يا بلقيس ..

يعصر مهجتي كالبرتقالة ..

الآن .. أعرف مأزق الكلمات

أعرف ورطة اللغة المحالة ..

وأنا الذي اخترع الرسائل ..

لست أدري .. كيف أبتدئ الرسالة ..

السيف يدخل لحم خاصرتي

وخاصرة العبارة ..

كل الحضارة ، أنت يا بلقيس ، والأنثى حضارة ..

بلقيس : أنت بشارتي الكبرى ..

فمن سرق البشارة ؟

أنت الكتابة قبلما كانت كتابة ..

أنت الجزيرة والمنارة ..

بلقيس :

يا قمري الذي طمروه ما بين الحجارة ..

الآن ترتفع الستارة ..

الآن ترتفع الستارة ..

سأقول في التحقيق ..

إني أعرف الأسماء .. والأشياء .. والسجناء ..

والشهداء .. والفقراء .. والمستضعفين ..

وأقول إني أعرف السياف قاتل زوجتي ..

ووجوه كل المخبرين ..

وأقول : إن عفافنا عهرٌ ..

وتقوانا قذارة ..

وأقول : إن نضالنا كذبٌ

وأن لا فرق ..

ما بين السياسة والدعارة !!

سأقول في التحقيق :

إني قد عرفت القاتلين

وأقول :

إن زماننا العربي مختصٌ بذبح الياسمين

وبقتل كل الأنبياء ..

وقتل كل المرسلين ..

حتى العيون الخضر ..

يأكلها العرب

حتى الضفائر .. والخواتم

والأساور .. والمرايا .. واللعب ..

حتى النجوم تخاف من وطني ..

ولا أدري السبب ..

حتى الطيور تفر من وطني ..

و لا أدري السبب ..

حتى الكواكب .. والمراكب .. والسحب

حتى الدفاتر .. والكتب ..

وجميع أشياء الجمال ..

جميعها .. ضد العرب ..

لما تناثر جسمك الضوئي

يا بلقيس ،

لؤلؤةً كريمة

فكرت : هل قتل النساء هوايةٌ عربيةٌ

أم أننا في الأصل ، محترفو جريمة ؟

بلقيس ..

يا فرسي الجميلة .. إنني

من كل تاريخي خجول

هذي بلادٌ يقتلون بها الخيول ..

هذي بلادٌ يقتلون بها الخيول ..

من يوم أن نحروك ..

يا بلقيس ..

يا أحلى وطن ..

لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن ..

لا يعرف الإنسان كيف يموت في هذا الوطن ..

ما زلت أدفع من دمي ..

أعلى جزاء ..

كي أسعد الدنيا .. ولكن السماء

شاءت بأن أبقى وحيداً ..

مثل أوراق الشتاء

هل يولد الشعراء من رحم الشقاء ؟

وهل القصيدة طعنةٌ

في القلب .. ليس لها شفاء ؟

أم أنني وحدي الذي

عيناه تختصران تاريخ البكاء ؟

سأقول في التحقيق :

كيف غزالتي ماتت بسيف أبي لهب

كل اللصوص من الخليج إلى المحيط ..

يدمرون .. ويحرقون ..

وينهبون .. ويرتشون ..

ويعتدون على النساء ..

كما يريد أبو لهب ..

كل الكلاب موظفون ..

ويأكلون ..

ويسكرون ..

على حساب أبي لهب ..

لا قمحةٌ في الأرض ..

تنبت دون رأي أبي لهب

لا طفل يولد عندنا

إلا وزارت أمه يوماً ..

فراش أبي لهب !!...

لا سجن يفتح ..

دون رأي أبي لهب ..

لا رأس يقطع

دون أمر أبي لهب ..

سأقول في التحقيق :

كيف أميرتي اغتصبت

وكيف تقاسموا فيروز عينيها

وخاتم عرسها ..

وأقول كيف تقاسموا الشعر الذي

يجري كأنهار الذهب ..

سأقول في التحقيق :

كيف سطوا على آيات مصحفها الشريف

وأضرموا فيه اللهب ..

سأقول كيف استنزفوا دمها ..

وكيف استملكوا فمها ..

فما تركوا به ورداً .. ولا تركوا عنب

هل موت بلقيسٍ ...

هو النصر الوحيد

بكل تاريخ العرب ؟؟...

بلقيس ..

يا معشوقتي حتى الثمالة ..

الأنبياء الكاذبون ..

يقرفصون ..

ويركبون على الشعوب

ولا رسالة ..

لو أنهم حملوا إلينا ..

من فلسطين الحزينة ..

نجمةً ..

أو برتقالة ..

لو أنهم حملوا إلينا ..

من شواطئ غزةٍ

حجراً صغيراً

أو محارة ..

لو أنهم من ربع قرنٍ حرروا ..

زيتونةً ..

أو أرجعوا ليمونةً

ومحوا عن التاريخ عاره

لشكرت من قتلوك .. يا بلقيس ..

يا معشوقتي حتى الثمالة ..

لكنهم تركوا فلسطيناً

ليغتالوا غزالة !!...

ماذا يقول الشعر ، يا بلقيس ..

في هذا الزمان ؟

ماذا يقول الشعر ؟

في العصر الشعوبي ..

المجوسي ..

الجبان

والعالم العربي

مسحوقٌ .. ومقموعٌ ..

ومقطوع اللسان ..

نحن الجريمة في تفوقها

فما ( العقد الفريد ) وما ( الأغاني ) ؟؟

أخذوك أيتها الحبيبة من يدي ..

أخذوا القصيدة من فمي ..

أخذوا الكتابة .. والقراءة ..

والطفولة .. والأماني

بلقيس .. يا بلقيس ..

يا دمعاً ينقط فوق أهداب الكمان ..

علمت من قتلوك أسرار الهوى

لكنهم .. قبل انتهاء الشوط

قد قتلوا حصاني

بلقيس :

أسألك السماح ، فربما

كانت حياتك فديةً لحياتي ..

إني لأعرف جيداً ..

أن الذين تورطوا في القتل ، كان مرادهم

أن يقتلوا كلماتي !!!

نامي بحفظ الله .. أيتها الجميلة

فالشعر بعدك مستحيلٌ ..

والأنوثة مستحيلة

ستظل أجيالٌ من الأطفال ..

تسأل عن ضفائرك الطويلة ..

وتظل أجيالٌ من العشاق

تقرأ عنك . . أيتها المعلمة الأصيلة ...

وسيعرف الأعراب يوماً ..

أنهم قتلوا الرسولة ..

قتلوا الرسولة ..

ق .. ت .. ل ..و .. ا

ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة

أكبر من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

سيدتي ! عندي في الدفتر

ترقص آلاف الكلمات

واحدةٌ في ثوبٍ أصفر

واحدةٌ في ثوبٍ أحمر

يحرق أطراف الصفحات

أنا لست وحيداً في الدنيا

عائلتي .. حزمة أبيات

أنا شاعر حبٍ جوالٌ

تعرفه كل الشرفات

تعرفه كل الحلوات

عندي للحب تعابيرٌ

ما مرت في بال دواة

الشمس فتحت نوافذها

و تركت هنالك مرساتي

و قطعت بحاراً .. و بحاراً

أنبش أعماق الموجات

أبحث في جوف الصدفات

عن حرفٍ كالقمر الأخضر

أهديه لعيني مولاتي

---

سيدتي ! في هذا الدفتر

تجدين ألوف الكلمات

الأبيض منها و .. و الأحمر

الأزرق منها و .. و الأصفر

لكنك .. يا قمري الأخضر

أحلى من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

سيدتي ! عندي في الدفتر

ترقص آلاف الكلمات

واحدةٌ في ثوبٍ أصفر

واحدةٌ في ثوبٍ أحمر

يحرق أطراف الصفحات

أنا لست وحيداً في الدنيا

عائلتي .. حزمة أبيات

أنا شاعر حبٍ جوالٌ

تعرفه كل الشرفات

تعرفه كل الحلوات

عندي للحب تعابيرٌ

ما مرت في بال دواة

الشمس فتحت نوافذها

و تركت هنالك مرساتي

و قطعت بحاراً .. و بحاراً

أنبش أعماق الموجات

أبحث في جوف الصدفات

عن حرفٍ كالقمر الأخضر

أهديه لعيني مولاتي

---

سيدتي ! في هذا الدفتر

تجدين ألوف الكلمات

الأبيض منها و .. و الأحمر

الأزرق منها و .. و الأصفر

لكنك .. يا قمري الأخضر

أحلى من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

القبلة الأولى

القبلة الأولى

عامان .. مرا عليها يا مقبلتي

وعطرها لم يزل يجري على شفتي

كأنها الآن .. لم تذهب حلاوتها

ولا يزال شذاها ملء صومعتي

إذ كان شعرك في كفي زوبعة

وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي

قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل

من الهوى أن تكوني أنت محرقتي

لما تصالب ثغرانا بدافئة

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

تروي الحكايات أن الثغر معصية

حمراء .. إنك قد حببت معصيتي

ويزعم الناس أن الثغر ملعبها

فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟

يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها

شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي

ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا

ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..

ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل

طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟

لم يبق لي منك .. إلا خيط رائحة

يدعوك أن ترجعي للوكر .. سيدتي

ذهبت أنت لغيري .. وهي باقية

نبعا من الوهج .. لم ينشف .. ولم يمت

تركتني جائع الأعصاب .. منفردا

أنا على نهم الميعاد .. فالتفتي

أسألك الرحيلا

أسألك الرحيلا

لنفترق قليلا..

لخير هذا الحب يا حبيبي

وخيرنا..

لنفترق قليلا

لأنني أريد أن تزيد في محبتي

أريد أن تكرهني قليلا

بحق ما لدينا..

من ذكرٍ غاليةٍ كانت على كلينا..

بحق حبٍ رائعٍ..

ما زال منقوشاً على فمينا

ما زال محفوراً على يدينا..

بحق ما كتبته.. إلي من رسائل..

ووجهك المزروع مثل وردةٍ في داخلي..

وحبك الباقي على شعري على أناملي

بحق ذكرياتنا

وحزننا الجميل وابتسامنا

وحبنا الذي غدا أكبر من كلامنا

أكبر من شفاهنا..

بحق أحلى قصة للحب في حياتنا

أسألك الرحيلا

لنفترق أحبابا..

فالطير في كل موسمٍ..

تفارق الهضابا..

والشمس يا حبيبي..

تكون أحلى عندما تحاول الغيابا

كن في حياتي الشك والعذابا

كن مرةً أسطورةً..

كن مرةً سرابا..

وكن سؤالاً في فمي

لا يعرف الجوابا

من أجل حبٍ رائعٍ

يسكن منا القلب والأهدابا

وكي أكون دائماً جميلةً

وكي تكون أكثر اقترابا

أسألك الذهابا..

لنفترق.. ونحن عاشقان..

لنفترق برغم كل الحب والحنان

فمن خلال الدمع يا حبيبي

أريد أن تراني

ومن خلال النار والدخان

أريد أن تراني..

لنحترق.. لنبك يا حبيبي

فقد نسينا

نعمة البكاء من زمان

لنفترق..

كي لا يصير حبنا اعتيادا

وشوقنا رمادا..

وتذبل الأزهار في الأواني..

كن مطمئن النفس يا صغيري

فلم يزل حبك ملء العين والضمير

ولم أزل مأخوذةً بحبك الكبير

ولم أزل أحلم أن تكون لي..

يا فارسي أنت ويا أميري

لكنني.. لكنني..

أخاف من عاطفتي

أخاف من شعوري

أخاف أن نسأم من أشواقنا

أخاف من وصالنا..

أخاف من عناقنا..

فباسم حبٍ رائعٍ

أزهر كالربيع في أعماقنا..

أضاء مثل الشمس في أحداقنا

وباسم أحلى قصةٍ للحب في زماننا

أسألك الرحيلا..

حتى يظل حبنا جميلا..

حتى يكون عمره طويلا..

أسألك الرحيلا..

الى صديقة جديدة

الى صديقة جديدة

ودعتك الأمس ، و عدت وحدي

مفكراً ببوحك الأخير

كتبت عن عينيك ألف شيءٍ

كتبت بالضوء و بالعبير

كتبت أشياء بدون معنى

جميعها مكتوبة ٌ بنور

من أنت . . من رماك في طريقي ؟

من حرك المياه في جذوري ؟

و كان قلبي قبل أن تلوحي

مقبرةً ميتة الزهور

مشكلتي . . أني لست أدري

حداً لأفكاري و لا شعوري

أضعت تاريخي ، و أنت مثلي

بغير تاريخٍ و لا مصير

محبتي نار ٌ فلا تجني

لا تفتحي نوافذ السعير

أريد أن أقيك من ضلالي

من عالمي المسمم العطور

هذا أنا بكل سيئاتي

بكل ما في الأرض من غرور

كشفت أوراقي فلا تراعي

لن تجدي أطهر من شروري

للحسن ثوراتٌ فلا تهابي

و جربي أختاه أن تثوري

و لتثقي مهما يكن بحبي

فإنه أكبر من كبي

حب بلا حدود

حب بلا حدود

1

يا سيدتي:

كنت أهم امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العام.

أنت الآن.. أهم امرأةٍ

بعد ولادة هذا العام..

أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.

أنت امرأةٌ..

صنعت من فاكهة الشعر..

ومن ذهب الأحلام..

أنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوام..

2

يا سيدتي:

يالمغزولة من قطنٍ وغمام.

يا أمطاراً من ياقوتٍ..

يا أنهاراً من نهوندٍ..

يا غابات رخام..

يا من تسبح كالأسماك بماء القلب..

وتسكن في العينين كسرب حمام.

لن يتغير شيءٌ في عاطفتي..

في إحساسي..

في وجداني.. في إيماني..

فأنا سوف أظل على دين الإسلام..

3

يا سيدتي:

لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.

أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.

سوف أحبك..

عند دخول القرن الواحد والعشرين..

وعند دخول القرن الخامس والعشرين..

وعند دخول القرن التاسع والعشرين..

و سوف أحبك..

حين تجف مياه البحر..

وتحترق الغابات..

4

يا سيدتي:

أنت خلاصة كل الشعر..

ووردة كل الحريات.

يكفي أن أتهجى إسمك..

حتى أصبح ملك الشعر..

وفرعون الكلمات..

يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك..

حتى أدخل في كتب التاريخ..

وترفع من أجلي الرايات..

5

يا سيدتي

لا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد.

لن يتغير شيءٌ مني.

لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.

لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان.

لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران.

حين يكون الحب كبيراً..

والمحبوبة قمراً..

لن يتحول هذا الحب

لحزمة قشٍ تأكلها النيران...

6

يا سيدتي:

ليس هنالك شيءٌ يملأ عيني

لا الأضواء..

ولا الزينات..

ولا أجراس العيد..

ولا شجر الميلاد.

لا يعني لي الشارع شيئاً.

لا تعني لي الحانة شيئاً.

لا يعنيني أي كلامٍ

يكتب فوق بطاقات الأعياد.

7

يا سيدتي:

لا أتذكر إلا صوتك

حين تدق نواقيس الآحاد.

لا أتذكر إلا عطرك

حين أنام على ورق الأعشاب.

لا أتذكر إلا وجهك..

حين يهرهر فوق ثيابي الثلج..

وأسمع طقطقة الأحطاب..

8

ما يفرحني يا سيدتي

أن أتكوم كالعصفور الخائف

بين بساتين الأهداب...

9

ما يبهرني يا سيدتي

أن تهديني قلماً من أقلام الحبر..

أعانقه..

وأنام سعيداً كالأولاد...

10

يا سيدتي:

ما أسعدني في منفاي

أقطر ماء الشعر..

وأشرب من خمر الرهبان

ما أقواني..

حين أكون صديقاً

للحرية.. والإنسان...

11

يا سيدتي:

كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير..

وفي عصر التصوير..

وفي عصر الرواد

كم أتمنى لو قابلتك يوماً

في فلورنسا.

أو قرطبةٍ.

أو في الكوفة

أو في حلبٍ.

أو في بيتٍ من حارات الشام...

12

يا سيدتي:

كم أتمنى لو سافرنا

نحو بلادٍ يحكمها الغيتار

حيث الحب بلا أسوار

والكلمات بلا أسوار

والأحلام بلا أسوار

13

يا سيدتي:

لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي

سوف يظل حنيني أقوى مما كان..

وأعنف مما كان..

أنت امرأةٌ لا تتكرر.. في تاريخ الورد..

وفي تاريخ الشعر..

وفي ذاكرة الزنبق والريحان...

14

يا سيدة العالم

لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام

أنت امرأتي الأولى.

أمي الأولى

رحمي الأول

شغفي الأول

شبقي الأول

طوق نجاتي في زمن الطوفان...

15

يا سيدتي:

يا سيدة الشعر الأولى

هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها..

هاتي يدك اليسرى..

كي أستوطن فيها..

قولي أي عبارة حبٍ

حتى تبتدئ الأعياد